المشاركات

 حدثتْ هذه القصّةُ في نيروبي. في يومِ الجمعة، السادسِ والعشرين من فبراير. كان العمُّ آناسا يقفُ متأهباً بسيارتِه خلف عشراتِ السياراتِ في إشارة مرورٍ على شارعِ توم موبيا حينما تحوّل لونُ إشارةِ المرور إلى الأخضر فتحركت السياراتُ و ظنّ آناسا لوهلةٍ أنّ سيارتَه تتدحرجُ إلى الخلفِ فضغطَ على الكوابحِ ، لكنّها ظلّت تتدحرج فضغطَ أكثر حتى تهشمت كوابح السيّارةِ في يومِ السبت ٢٧ فبراير و ظلّ يضغطُ على أرضيةِ السيارةِ تحتَ الكوابحِ حتى هشّمها في يومِ الأحد ٢٨ فبراير ثم ظلّ يضغط ويضغط ويضغط ؛ و في يومِ الإثنين التاسع والعشرين من فبراير ، توقّفت الأرض.
 لا أحدَ يعرفُ لماذا مازلنا نكتُب  لقد أصبحَ الأمرُ في غايةِ السوء  وعليه أن ينتهي عند هذا الحد !  المهرِّجُ ينامُ في سريرِ الرسول  و الدمُ الحقيقيُّ هو الدمُ خارجَ الأجساد  على حوافِّ الخيولِ وحوافرِ السيوف وماكيناتِ غسيلِ الكُلى لقد كانت الكتابةُ مرحلةً في مراهقةِ البشريِّ  مثلُها مثلُ صيدِ البلال بن رباح  و انتهتْ !
 قرّرَت امرأةٌ من الكونغو تُدعى يامادو، قرّرتْ أن تُرضِعَ شجرةً جافّةً وقعتْ في هُيامِها. أرضعتْ يامادو الشجرةَ لِشهرَين كامِلَين، شهرَين. وفي الشهرِ الثالثِ عادتْ الشجرةُ للحياة، لكنّ يامادو لمْ تتوقّف. في الشهرِ الثامنِ أزهرَتْ الشجرة. بعدَ سنوات؛ ولأنّ البشرَ يموتون، ماتتْ يامادو.  لكنّ أكّا -الشجرة- ظلّتْ منتصِبةً إلى أن توقّفتْ يوماً أمامَها ثلاثُ سيّارات، إثنتان يقودُهما جنرالان من الجَيش، والثالثة مستشارٌ بلجيكيّ.  أنزلَ الرجلان والبلجيكيّ ثلاثة أسرى أعدموا إثنين منهما سريعاً، ثمّ انتصبَ الثالثُ أمامَ أكّا، بقامةِ رُمْحٍ وعيني صقْر. توتّرتْ فرقةُ الإعدامِ قليلاً ؛ ثمّ حوّلتْ جسدَه إلى غُربالِ رُصاصٍ لتخترِقَ سبعةٌ وعشرون رصاصةً أثداءَ الشجرة/ثمارها السبع والعشرين، وليسيلَ الحليبُ الأسودُ منها ويغمُرَ الغابة. قالَ الرجلُ البلجيكيُّ وكانَ اسمُه غات :  حسناً يارفاق، لقد قتلنا لومومبا!
 لم أكن ربّاً لأسألني:  تريدُ حمامةً في اليد  أم نَمِراً على الشجرة ؟  و هل تكفيك ملعقتان  من سُمّ المحاولة أم تريدُ البحرَ كلّه؟  لم أكنْ ربّاً  لأعرفَ تحت أيّة نخلةٍ زمنيّةٍ ربطَ المكانُ حصانَه  و تعلّمَ الطيران فيّ لكنّ شيئاً غامضاً يختارُ لي  ما لا أُريدُ  لكي أُريدَ  فلا يُريد !
 - ما هذا الكتاب؟!  - كتاب - أعرف ، ما هو؟  - ماذا ؟  - الكتاب  - قلتُ لك كتاب  - حسناً عن ماذا يتحدث؟!  - الكتبُ لا تتحدّث ! ما هذه الأسئلة الغريبة؟!  - ما هو موضوعُ الكتاب؟  - إنها رواية  - ما هي قصتُها ؟! - ليست قصة ! إنها رواية !  - حسناً  - حسناً  - هل تتكون من أحداث؟!  - لا  - مم تتكون؟!  -من حدث  - وماهو هذا الحدث؟!  -ها؟ !  - ماهو الحدث؟  - إنه سطوٌ مسلّح على بنك  - وماذا أيضاً ؟!  - هذا كلّ شيء  - كم عدد صفحاتها ؟! - صفحات ماذا؟  - الرواية  -خمسة آلاف وتسعمائة وستة وسبعون صفحة  - وهل يدورُ هذا الحدث في خمسة آلاف وتسعمائة وستة وسبعون صفحة؟  -نعم  - نعم ماذا؟  - نعم يدور  -ما هي تفاصيل السطو المسلح؟  - قامَ رجلان بالسطو على بنك  - هذا كل شيء ؟!  -آآآ نعم ! لكنهما كانا يقلدان فيلماً  - ثم؟!  - ثم حدث أن أحد ضباط الشرطة كان قد شاهد الفيلم  - و استنتج ما الذي سيفعلان في الخطوة التالية  - بالضبط !! ...
 - هل يعيشُ البلحُ في الماء؟  - لا  - والضفادع؟  - تعيش  - ماذا عن سيارات الشرطة؟  - لا ، سياراتُ الشرطة لا تعيشُ في الماء - لماذا؟  - لا أعرف!  - ألم تقل أنك طبيب؟  - نعم ، أعتقد ذلك - تعتقدُ ماذا؟  -أنني طبيب  - وهل يعتقدُ كلُّ الأطبّاء ذلك؟  - أيُّ ذلك؟  - أنهم أطبّاء!  - نعم  - وما الذي يجعلهم يعتقدون ذلك؟  - لا أعرف  - هل تعتقدُ معهم؟  - حسناً ، سأخبرُك بالأشياءِ التي أعرفُ أنها تعيشُ في الماء - كيف عرفت؟ هل عشتَ معهم؟  - أين؟  - في الماء   - لا أحدَ يستطيعُ العيشَ في الماء  - من قال لك ذلك؟  - لا أحد  - هل قابلتَه؟   - مَنْ؟  -لا أحد  - لا لم أقابل لا أحد  - كيف عرفت أنه يستطيعُ العيش في الماء ؟  - حسناً .. دعني أشرحُ لك ما...  - هل تستطيعُ إخباري بالأشياءِ التي تعيشُ في اليابسة ؟  - لا  - والهواء؟  - لا ، لا أعتقدُ ذلك  -حسناً أخبرني بالأشياءِ التي تعيشُ في الصحراء  - مثل الصبّار؟  - تظنّ أنني أ...
 -لماذا يمتلكُ الرجالُ حَلَمات؟!  -معذرةً  -قلتُ لماذا يمتلكون حلمات؟  -من؟  -الرجال! -ما بهم؟!  -لماذا يمتلِكُ الرجالُ حلمات؟!  -لإرضاعِ جراءٍ صغيرة لاتُرى بالكلابِ المُجرّدة و... - إرضاعَها ماذا؟!  - حليباً مجفّفاً  - ما هو المجفّف؟  -الحليب ، لإرضاعِ الجراءِ حليباً مجفّفاً  -تعني الرجال؟  -نعم -الرجال؟  -الرجال  - و لكن كيف تمصُّه؟  -من ؟  -الجراء ! كيف تمصُّه؟! - هل تعرفُ أنّ الكلابَ في لحظاتِ الخوفِ العظيمةِ لا ترى الألوان و..   - أعرف ! كيف تمصّه؟ كيف تمُصُّ الحليب؟!  -بالأخلاق!